لو ده الدين الاسلامى ... انا خارجة منه

ظهر على شبكة اليوتوب فيديو لسيدة مسلمة محجّبة تعبر عن ألمها مما قد ألمَّ ببلدها مصر منذ أن اعتلى الإخوان المسلمون سدّة الحكم.
نعم هي انتخبتهم في البداية وكثير منا يحلم بدولة العدالة المنشودة والتي لا تفرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى،
دولة العدالة التي تنهي عصر الفساد الذي اتسم به عهد مبارك الطاغية والذي أردى الكثيرين فقراء فهجروا أوطانهم أو رضوا بالكفاف من العيش فعاشوا على هامش الحياة. 
وسرعان ما يتضح للناس واقع الأمر أن البشر بشر وأن الإخوان المسلمين ليسوا بظالمين وإنما هم في صدق نية يطبقون تعاليم الإسلام كما هي ظاهرة في القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة النبي محمد. 
نعم هذه السيدة الطيبة تؤمن بالإسلام كما فهمته من كتب المدارس وبنسخته المعدّلة ولكنها لم تصطدم بالإسلام الحقيقي والذي ما كنا نعرفه إلا بعد أن قرأنا عن أية الجزية وتفسيرها في ابن كثير ومسألة المحلل ورضاع الكبير وزواج المسيار وتعدد الزوجات وكل هذه المسائل التي طالما أخرسونا من الكلام فيها لزمن طويل بحجة أن هذا فيه تطاول على الإسلام أو أن هذه تخرصات متسشرقين إلخ إلخ....
سنسكت ولن نتعرض للإسلام بالنقد وكفى الله الإنسانية شر التهمة الكاذبة بأننا نحقد على الإسلام والمسلمين.
لا يهمني ما إذا كانت هذه السيدة تفهم الإسلام بشكل حداثي "مودرن" أي إسلام " ع الموضة" أم أنها تتبع الإسلام الأصلي وبدون ماكياج أو ترقيع. 
لتفهمه هي كما تشاء وكيفما تشاء ولها حق الاختيار أن تتعبد لله بالكيفية التي هي تريد؛ وما يهم هو الرجوع للأصول وأخذ الإسلام عن مصادره الأصلية وبدون تجميل. يقول المثل الشعبي: ع الأصل دوّر.
بالتأكيد البشر يريد براغماتية التطبيق والعبرة بالتطبيق العملي لا بالنص وجموده وخاصة أن البيئة والمجتمع يفرزان النص؛ وهذا ما يسميه الألمان بالـ sitz im leben أي هذا الإطار وذاك المحيط الذي يخرج من أحشائه النص المقدس.
وهل أنا شامت؟ وفيما أشمت؟ في يقظة العقل؟ يكفي أن يكون هناك استعداد لدى شخص ما في أن يقول لو أن هذا هو الإسلام أو أن هذه هي المسيحية فأنا خارج منه؛ وهذا يفيد اختلال الثوابت واستعداد المرء لأن يضع كل شيء على بساط البحث فيقوم بتحليل وتمحيص وتدقيق ومراجعة كل الثوابت الراسخة في النفس ويكفي أنه يسأل السؤال الذي ينقل الشخص من جادة العوام لمنصة الفلاسفة وهو السؤال الذي يبدأ بلفظة "لماذا".
لماذا يحدث مما نحن فيه؟ ما هي الحقيقة؟ وأين هي الحقيقة؟ وكيف نعرف كُنه الأمور وجوهر الأشياء؟ ما هي آلية المعرفة؟ أها! إنها ما يسمونها بالابستمولوجيا أي كيفية وصولنا للحقيقة في أمر ما وبالمنهج الموضوعي ودون خوف وبأكبر قدر من التجرد.
هنا الثورة الإسلامية تحملها رياح الربيع العربي وتحرك الضمائر وتثير القرائح في الوقوف على الأشياء عوضًا عن العوذلة والحوقلة والتفل يمينا ويسارًا وكل معالم العقل الأسطوري الديني المعروفة. ولا شيء أفضل من مخاض يأتي لأمة من الأمم في نضالها، وعندها تعيد الحساب وتراجع الثوابت من جديد. لتطبع دار الطليعة ما شائت من الكتب التنويرية ولتتحدثوا عن التنوير كيفما شئتم أيها العلمانيين المتلبرلين ولكن التنوير العربي لن يأتي إلا على يد الإخوان المسلمين.
صدق أو لا تصدق! الإخوان سيأتون لنا بالنسخة الأصلية من الإسلام بدون ترقيع أو تجميل وسنضرب كفًا بكف وساعتها نقول: أيعقل هذا حقًا؟ أهذا هو الإسلام؟ وكيف أخفوا عنا ذلك طوال هذه المدة ولقّنونا نسخة معدلة من الإسلام في "كتب الوزارة"؟
من المحتمل أن هذه السيدة لن "تترك دينها" وما يشغلني صرف الناس عن أديانهم؛ فما فائدة أن تتحول هي للمسيحية أو أي ديانة أخرى وهي لا تزال ابنة الأمس وبعقلية اجترارية عاجزة عن فحص الواقع ونقده؟ عندها ياريتك يا بوزيد ما غزيت! كون هذه السيدة في أعماق باطنها تعيد فحص أشياء معينة في الواقع العربي الإسلامي، وبدلاً من تجميلها تواجهها في أعماق نفسها وبجرأة هو أجمل شيء وأمامه سأقول لها: سيدتي، لتعتقدي ما شئت في الدين فأنت تفوقت على سيدات الأميركان المسيحيات أنفسهن لأنك تفحصين وتحللين وتنقدين، وطوبى لمن قالت لا في وجه من قالوا نعم! كثيرات من نظيراتها المسيحيات ينلن ما نسميه بالخلاص وهنّ لا يزلن في سجن وعبودية ولا يعرفن السبيل لاستخدام عقولهن ومن ثم فهن عاجزات عن الإنصاف والوقوف في صف الحق بل هنّ تحصيل حاصل للذهنية العشائرية الأميركية. أيّ خلاص هذا وهنّ عبيد تحكمهن النعرة الشوفينية! أنا مع ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب.
لكن هذه السيدة المصرية المسلمة اختارت أن تحترم فرديتها وأنها فرد وليست ضمن قطيع لشعب في الكنيسة أو المسجد. ما سعينا لنشره من خلال الكتب التنويرية قامت سيدة تنهض من فيجعة الواقع المؤلم وأعلنته بجرأة لأنها اختارت أن تكون صادقة مع نفسها أمام ضميرها الإنساني.
ملحوظة: الفيديو يوجد على الرابط الآتي

http://www.youtube.com/watch?v=8N3Jv_myGbs